الجمعة، 2 يناير 2009

يا ساكنين بأضلعي .. !





لطالما كانت مقلتي ترقب ذلك الصبي الوسيم ذو البشرة البيضاء الصافية

و الابتسامة الجذابة .. !! الاحقه بنظراتي التي لا تمل من رؤية ذلك الحيا المشرق

و ما ان ينظر الي الا و اسارع لاطرق طرفي

و كأني كنت مشغول بشيء اخر ..

ابدأ بالتسميع يا جهاد من قوله تعالى

(( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين ))

صوت شيخنا في المسجديخاطب به صاحب

المحيا الجذاب و الذي يدعى ((جهاد))

و الذي ما ان بدأ بالقراءة حتى زاد اعجابي به ..

فلصوته رخامه و خشوع

و دفئء يبعث الطمئنينة في النفس ..

بعد انتهاء حلقة حفظ القران الكريم

مع شيخنا ذو اللحية الكثة البيضاء حتى

بدأنا لعب الكرة في تلك الساحة الترابية المقابله لباب المسجد

كانت تلك الحلقة الدائمة لحفظ القران التي تجمعنا سويا و بعدها

اللعب الطفولي مع الصحب .. كانت المدخل و البداية

لتالف قلوبنا .. ووجدت اخيرا ذلك الصاحب الذي يلازمني

و الذي تهواه نفسي .. و الذي يفهم طريقتي في التفكير و

يشد على يدي دائما للسير معا في طريق الهداية و ملازمة الصحبة الصالحة

أنه ((جهاد ))

:
:
((جهاد)) لم يعد ذلك الشخص الذي تلاحقه نظراتي المتسارعة

لاعجابي بحكمته و قوة شخصيته و فصاحة بيانه

و اشراقه محياه بابتسامةمقرونة بالحياء ..

انه يتميز بها

بل أصبح شطرا من روحي و جزءا لا يتجزء من حياتي ..

اصبح مستودعي الذي أخبئ فيه اسراري و أبث له ما يعتريني

من لحظات فرح تارةو لحظات حزن في مرات أخرى ..

كبرنا و كبرت مساحة الحب في قلوبنا و شققنا الطريق معا وفي ثبات

حتى أتممنا حفظ كتاب الله عز وجل ..

لطالما انسنا تلك الشجرة بأحاديثنا الأخوية التي كنا نجلس تحت ظلالها الوارفه

نتجاذب أطراف الحديث و نبحر سويا في بحور الذكريات

فتتساقط علينا أوراق تلك الشجرة وكأنها تشاركنا متعة الحديث

و تهب علينا نسائم الهواء بهدوء .. وكأنها تبارك اجتماعنا

:
:

كن قويا يا عمر .. ألهذا يبكي الرجال

اننا نعد أنفسنا لمهمة عظيمة .. إننا نعد انفسنا للموت في سبيل الله عز وجل

الا تذكر ما اتفقنا عليه و سابق عهدنا حينما وضعت يدك بيدي

وعاهدتني على انك ستبقى الى جانبي نعيش معا ونموت سويا في سبيل الله عز وجل

لماذا ارى الان مقلتيك حائرتان بالدموع .. ؟؟

هل تبكي على عثمان و ابراهيم لانهما استشهدا ؟؟

هل تبكي لأنها فارقا الحياة الى الجنة باذن الله عز وجل ..

الا تطمع ان نجتمع واياهم قريبا في الجنة بصحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم

مودعين حياة الظلم و القهر ..

هيا قم وتوضأ للصلاة .. سنصلي جماعة وندعوا الله عز وجل ان يرحمهما ويتقبل شهادتهما

و يجمعنا بهم قريبا ..

هكذا خاطبني جهاد بنبرة نابعة من أعماق القلب

محقونة بالعزة و قوة الايمان الراسخ الذي لا يتزعزع

في كل حرف يلهج به كان و كأنه ييبث في قلبي القوة

و يجمع شتاتي المتصدع بعد فراق اصحاب الطفولة في عملية اسشهادية استهدفت

مستوطنين أغبياء .. كم أكرههم

مسحت دموعي الحائرة و سط مقلتي .. و استجمعت قواي و تحاملت على نفسي و

طوقت بذراعي أخي ((جهاد )) معانقا له ..و كأنني اعانق جبل اشم

ربت على كتفي و قال : هكذا كن قويا يا عمر

فان كانوا يملكون العدة و العتاد فنحن نحمل في قلوبنا قوة العقيدة

و نقاتلهم بالثبات و العزة التي لا تزلزلها قنابلهم ومقاتلاتهم

و نرميهم بقذائف الدعاء في اخر الليل حيث يتنزل رب العزة

القريب المجيب .. الناصر .. القوي العزيز

صففت قدمي الى قدمة و كتفي الى كتفه و كبرنا للصلاة

و انطلقت الايات يرتلها بصوته الرخيم الذي يذكرني

بأول لقاء لي معه في حلقة الشيخ أحمد رحمه الله تعالى

:
:

استيقظنا على أصوات صراخ و دوي انفجارات يقترن بها صوات تكبيرات

اسرعت ركضا لأرتدي ملابس عملي كسائق لسيارة الاسعاف و

لأتجه الى مكان البلاغ .. و في الطريق ومن خلال الرادو علمت أن الطائرات الاسرائلية

قامت بقصف ثكنه عسكرية لمجاهدين في قطاعنا

(( قطاع غزة(( و باسرع سرعة استطعت أن اقود بها

و صلنا الى مكان الكارثة و قد تجمع عدد من سيارات الاسعاف لانقاذ

ما يمكن انقاذه من الأرواح البشرية التي لم تزهق بعد

اشلاء .. دماء .. عدد كبير من المجاهدين فارقوا الحياة

اسمع صوات أنين خافت ..

أتحرك بسرعة جنونية نحو مصدر الصوت لعلي استطيع ان أنقذ

روحا لم تفارق الحياة بعد ..

يد من بين الضحايا ترتفع وتلوح و قد أضناها الألم

و أثخنتها الجراح .. اسرعت نحوها

الوجه مغطى بالدماء .. اليد ممددة على الارض و الأخرى مرتفعه نحو السماء رافعة السبابة

و بصوت متقطع قال .. عمر أخي أنت هنا ؟؟

فزعت .. كيف عرفتني من أنت يا أخي

فوجهه مضرج بالدماء التي غطت كل ملامح محياه

و اخفت كل تقاطيع و جهه !!

:
:

تجاهل سؤالي .. و قال :

ادخل يدك في مخبأة معطفي و خذ ما بها ..

عمر .. أخي وحبيبي أنا جهاد

بالنتظارك أنا و عثمان و ابراهيم

مع بقية الأصحاب في الجنة بصحبة الشيخ أحمد

و الحبيب صلى الله عليه وسلم ..

اشهد ان لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله ..

:
:

لم تكن سوى صرخة واحدة اطلقتها مدوية في الهواء

جهــــــــــــــــــــــــــــــــاد ..

ولم أشعر بعدها بما حدث

:
:


لوح بيده أمام عيني .. لينتشلني من لحظة ذكريات

كهذا فعل خالد و اردف فعله بسؤال

ما بك ياعمر .. ؟؟ ناديتك مرارا و تكرارا لكنك كنت شارد الذهن

ولم تستجب لنداءاتي المتكررة ..

:
:

لم أجب على سؤاله فقد كنت لا أزال تحت مخدر الذكريات

اطرقت ببصري و اذ بي أحتضن مصحف (( جهاد)) و اضمه الى صدري بقوة

و كأنني اضم بين جنباتي جهاد

وكأني اراه واسمع صوته الرخيم عندما قال لي

ادخل يدك في مخبأة معطفي و خذ ما به

:
:
لقد أخذت مصحفه و عليه بقايا من دماءه

و منه تفوح رائعة المسك ..

وضعت يدي على جبيني و اذ بالدموع التي نهاني جهاد أن اخرجها

قد شقت طريقها عاصيتة كل أوامري

:
:
لقد كنت في لحظة شرود ذهني بصحبة طيف جهاد

و عبق ذكريات نصفي الاخر جهاد ..

اختطفتني منها يدا خالد التي كانت تلوح

وصوته الذي يناديني ..

:
:

يا راحلين عن الحياة وساكنين بأضلعي

هل تسمعون توجعي وتنهد الدنيا معي ؟!

يا شاغلين خواطري في هدأتي وتضرعي

يا مشرقين على ابتساماتي العذاب وأدمعي

أنتم حديث جوانحي في خلوتي أو مجمعي

أنتم أرق من الجداول في الربيع الممرع

وأجل من وصف الخيال العبقري المبدع

يا طائرين إلى جنان الخلد أجمل موضع

أتراكم أسرعتم !؟ أم أنني لم أسرع !؟

ما ضركم لو ضمني معكم لقاء مودعي !؟

فيقال لي :هيا إلى دار الخلود أو ارجع !

كم قلت صبراً للفؤاد على المصاب المفجع

لكن صبري متعب ومدامعي لم تنفع

سأظل أبكي بعدكم كالعاشق المتلوع

وأحبكم حتى وأنتم ترقصون لمصرعي

يا راحلين وساكنين بقلبي المتصدع

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

وفقك الله وسدد خطاك.. الي الامام دوما اللهم ترحم جهاد واخوانه .. دموعي رافقتني مع القرائه

الزرقاء و ندى الجنة يقول...

حاولت ان اقرأ و استوعب.. حاول اكثرمن مرة
لكن عيوني تدمعت ..و لا اري مالقصةولكن كل ما اتذكر ان بين ما كتبتي قرأت كلمة ..جهاد..غزة..شيخ .. استشهاد ..و اليهود
..
لي عودة باذن الله..
لا تنسوا دعاء القنوت !!

Qanoonya~6moo7a يقول...

مؤثرة جداً
:(

حسبنا الله و نعم الوكيل
و نصر الله قريب ...

بصمة منـــارية (: يقول...

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته..

ووفقك اختي وسدد خطاك و المسلمين يارب .. دموعنا و حرقة قلوبنا و دعاؤنا اسلحتنا الربانية ..

______________________________

عزيزتي الزرقاء و ندى الجنة :

هذه قصة استخلصتها من وحي خيالي و شرود ذهني ولكن على ارض الواقع يوجد من القصص الحقيقية ما تدمع له العين دما و تتقطع له انياط القلوب .. خفف الله عن اخواننا ..

بصمة منـــارية (: يقول...

مرحبا عزيزتي منال ..

مما لا شك فيه و اليقين الذي لا يخالطه شك هو أن النصر قريب باذن الله ..

لا ننساهم من الدعاء