الجمعة، 15 مايو 2009

بلا مشاعر و لا أحاسيس و لا حتى ابتسامة ..

في تدوينة سابقة كتبت عن بعض الأحداث التي اعاصرها

عن قرب من خلال عملي التطوعي في دار الطفولة ..

أجلس مع الاطفال فتترائى أمام ناظري خيالات مشاعرهم

و احساساتهم الداخلية ..

اعيشها بعمق .. و استشفها من نظرات اعينهم الحائرة

و من حركاتهم التي تحاول ان تستقي شيئا من الحنان

و تستجدي شيئا من الشعور بانها مصدر اهتمام

و ان هناك من يمنحها الحب و الامان ..

"
"

فالأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ..

وقد وصانا الله عز وجل ببرها و جعل رضاه من رضاها ..

هدى : حدثيني عن اية في كتاب الله عز وجل تتكلم عن فضل الأم

هدى ،، لماذا هذا الشرود من بداية الحصة الدراسية ؟؟

فالمرة القادمة ستجلسين هنا أمامي بالضبط في أول الصف

فأنا لا استحمل شرودك الدائم في الحصة الدراسية ..

و في المرة القادمة ان لم تستجسبي لتعليماتي .. سأطلب ولي أمرك

للحضور هنا ..

(((((( ترررررررررررررررررررررررررررن )) ..

لقد انتهت الحصة الدراسة و الان يمكنكن الانصراف ..

"
"

ألملم مستلزماتي الدراسية المنتثرة على سطح طاولتي الكثيبة

و كأنني ألملم ما تبقى من ذكريات مؤلمة كأنها تجرني للموت جرا ..

(( الأم )) .. (( ولي أمري )) ؟؟ !!! عن ماذا تتحدث هذه المعلمة ؟؟

تتحدث عن الأم و كأنها تطعنني طعنات مباشرة في فؤادي ..

تتفجر الدماء من ذلك القلب النازف بشدة ..

يا ليتها قبل ان توبخني رأت شرود عيني ..

فقرأت منه أنني لا أعرف من هي أمي ..

يا ليتها استنتجت من دموعي الحائرة

انني منذ وجدت على هذه الدنيا الفانية لم اشعر

يوما بضمة امي و لا حتى في منامي

ليتها كانت تعرف انني لا اعرف حتى ملامح و تقاطيع

وجه امي و هل انا اشبهها
ام انني اشبه

والدي الذي حتى هو الاخر لم احظى برؤيته ..


:
:

ليتني غبت اليوم .. مت .. صدمت بالسيارة و انتهت حياتي

حتى لا اسمع اقسى درس في حياتي .. ذلك الذي يتكلم عن الأم و

مكانتها و حبها لأبناءها..

وحنانها الذي سمعت عنه كثيرا فاشتقت ان اجربه ولو لمرة واحده ..

واحده فقط ..

يقولون انها تسهر اذا مرض ابناءها و تباشرهم بالدعاء و الدواء ..

مالي كلما مرضت و تقلبت في ذلك السرير لا اجد سوى وسادتي

اضمها الي تارة و ابللها بالدموع ..

و كأنها تشاركني الألم و تشاطرني الاحساس


"
"

هدى : هيا نريد الانصراف ..

ابي الان ينتظرني في الخارج أريد أن اريه شهادتي


و قد وعدني اليوم انه سيشتري لي (( دراجة )) ..

ااااااااه .. حتى انتي يا سعاد ..

تغرسين في اعماقي سكين تمزقني اربا اربا ..


ليعود جرحي يثعب دائما كلما حاولت تضميده !!

حسنااااااااا .. فقط كنت الملم مستلزماتي الدراسية ..

"
"

هاهو أبي .. ابي ابي ها لقد أحضرت الشهادة ..(:

وداعا هدى ..

وداعا سعاد ..

"
"

اسير الى الباص مثقلة .. نازفة .. مجروحة ..

حتى شهادتي التي امتلأت بالعلامات المرتفعة و النجوم الامعة

ليس لها اي بريق او حتى طعم ..

دائما اسمع الفتيات يقلن (( اهدي نجاحي لوالدي واخواني ))

اما أنا .. فلمن أهدي ذلك النجاح و كل تلك النجوم التي اصبحت

جمرات تحرقني و تأرقني كلما نظرت اليها ..

لانها تذكرني انني وحيدة ..

شجرة نحيلة و سط صحراء جدباء قاحلة ..

"
"

يستقبلي سائق الباص .. اهلا هدى

وبعدها يعم الصمت و الهدوء في الطريق

حتى نصل الى دار (( رعاية الطفولة )) التي هي مأواي و مسكني

أضم مقعد الباص الأمامي و أتخيل انني اضم امي ..

بلا مشاعر و لا أحاسيس و لا حتى ابتسامة ..

!
!
!

هناك 3 تعليقات:

روان يقول...

الحمدلله ع النعمة
أحيانا نجرح الي قدامنا بدون قصد =/

اسلوبك مؤثر =)
جزيتي خيرا ^^

غير معرف يقول...

كتابتك جميله
ان شاء الله ما تكون حياتك زى اللى كاتباها
الله يسعد ايامك
دمتـِ بكل سرور

بصمة منـــارية (: يقول...

مرحبا عزيزتي روان (:

جزيتي خيرا ..

_____________________________

غير معروف (:

جزاك الله خيرا