الجمعة، 14 مارس 2008

تلبيةً لنداء الحب و الشوق ..


في أحد هذه البيوتات الطينية المتواضعه المتراصه و تحت ضوء القمر الرائع و اضاءة النجوم اللامعه ينام ذلك الرجل متوسدا الارض و قد كبرت سنه و ارتعدت فرائضة و وهن عظمة و اشتعل رأسه شيبا ..
و بينما هو كذلك .. انتفض من فراشه فجأة ..وهو يبكي !
أشعل سراجه .. توضأ و صلى وبعدها بدأ باعداد العدة و التجهز للرحيل فها هو يمتطي صهوة جوادة و اخذ من الزاد ما يكفيه للطريق و انطلق على بركة الله عز وجل !!
ما الامر و ما السر يا ترى .. ؟
:


و اخيرا و هذه منارات الحرم المدني و هذه رائحة المدينة الممزوجة بعبير النبوية الشريفة
و صل الرجل الى المدينة المنورة و أول ما ابتدأ به هو الصلاة في الحرم المدني و بعدها
سار بخطى وجلة متثاقلة .. الى قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم و لزمه و بكى وبكى و بكى
ففي الصدر الف و الف غصة تحكي الم الفراق .. و في الفؤاد اشتياق..
و تمر على الخاطر طيوف و ذكريات ..
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها
على طلل القبر الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت
بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة
عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم

تذكر بداية الدعوة و تذكر صاحب الدعوة عندما كان طريدا شريدا .. تذكر الايام التي اجتمعا فيها سويا تذاكرا فيها الجهاد وامور المسلمين .. تذكر ذلك التحلق الرائع حول المصطفى صلى الله عليه وسلم و الاستماع لصوته الندي الشدي و هو يحكي بقلب ملؤه الحب و الحرص على المسلمين الوصايا و يسرد المواعظ و القصص ..

نقلته الذاكره الى احلى ايام عمره .. عندما اعلنها مدوية أحدٌ ..أحد .. فسمعتها اذان الزمان و حفظها التاريخ تذكر المعارك و العاديات الضابحات .. و السيوف اللامعات .. و تلك التكبيرات ..

اعتصر قلبه و اشتاق جنانه و بكت عيناه حبيبا فارقه و صحباً ودعوه و ذكريات قضاها مع خير اهل الارض ..

بكى حتى اخضلت لحيتاه المليئة بالشيب الابيض و حتى كاد الشوق و الحب يضنيه و يقطع احشاءه ..

هنا .. وفي هذا القبر كان اشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ..
لمن يا حبيبُ تحنّ القلوبُ
وتهفو العقولُ، لمن يا حبيبُ؟!
ومَن ذا سباها فصارتْ مُناها
تحنّ اشتياقاً.. تلوبُ، تذوبُ!
:
:
و اقترب وقت صلاة الفجر و لحكمه الهية ارادها الله عز وجل تأخر المؤذن .. فقام متحاملا متثاقلا بعد ان ارهقه الشوق و ملأ عليه جنباته و اختلط بعظامه .. قام مرتفعا و كبر ..فعلى الرغم من كبر سنه الا ان عذوبة صوته لم تتغير و تميز اذانه لا زال كما هو متميزا ..
:
:
سمع الناس صوت الاذان يعتلي .. انه صوت بلال بن رباح !

فها هو المؤذن عاد ليكبر و لكن..

اين الامام ؟؟ و اين القائد ؟

ماباله لم يعد ؟؟

::


ذكرهم ذلك الصوت الندي بأيام النبي صلى الله عليه وسلم الخوالي و ظن البعض ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث من قبره مرة أخرى فجاؤوا الى المسجد النبوي من كل حد وصوب بخطى متسارعه والهة مشتاقه وقلوب ملأها الحب .
:

حرك ذلك الصوت في قلوبهم الحنين و الانين و اشعل فتيل الذكريات و جميل الأوقات ..
:
عندما وصل بلال بن رباح الى اشهد أن محمداً رسول الله ..
لم يستطع اكمالها و اجهش في البكاء و ضج المسجد بدموع المحبين و انين المشتاقين ..
بكى و سالت بحار من الدموع ..
حاول تكرارها .. و لكن بح الصوت و بحت معه النداءات ..
:
:
اكمل بلال الاذان بعد ملحمة من البكاء ..
و تعانق الناس ..و عانقوا بلال بن رباح

و تذكروا الايام الخوالي ..
:
وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه
ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
:

صلى بلال الفجر ..
و بعدها لم يطق ان يجلس في المدينة ورسول الله عز وجل ليس فيها
فقد كان و السراج النور الذي يضيئها ..

أأقيم بعدك بالمدينة بينهم

يا ليني صبحت سم الأسود

أو حل أمر الله فينا عاجلا

في روحة من يومنا أو من غد

فتقوم ساعتنا فنلقي طيبا

محضا ضرائبه كريم المحتد

:
امتطى راحلته و استعد للرحيل و العودة لدياره و لسان حاله يقول
:
استقبلته زوجه.. ما الخطب يا بلال و ما الامر ..!

رحلت دون سابق انذار و لا اخبار و قطعت الفيافي و الغافر

في منتصف الليالي و في الاسحار !

هل يا ترى تخبرني بما جرى و سار ؟؟
:
رأيت تلك الليلة حبيبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم

و قد عاتبني عتاب المحب قائلا :
" هجرتنا يا بلال ،، أما تزورنا " ؟؟

اتريديني بعد هذا النداء أتاخر .. وبعد هذا العتاب أتوانى ؟؟
:
ذهب لزيارة خاصة وبدعوة شخصية لزيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم ..لكن كل شيء تغير ..
فالمدينة أظلمت !
و بيته اصبح خاليا !
و المنبر لم يعد يصدح كما كان
و لم اسمع صوته !!
:
بعد ان لبى بلال نداء الحب و الشوق في الدنيا ..
و بعد ايام معدودة لبى بلال النداء الثاني وهو الرحلة للاخرة

و الاجتماع بالحبيب وصحبه ..

فهاهو على سرير الموت .. و ها هو الجسد ممدد ..و العينان غائرتان ..و الروح تستعد للتسليم و زوجته بجانبه تولول .. و تبكي

فالتفت اليها وقال : واشوقاه .. غدا نلقى الاحبة محمداً و صحبه
:

يا رب فاجمعنا معا ونبينا * في جنة تثني عيون الحسد

في جنة الفردوس فاكتبها لنا * يا ذا الجلال وذا العلا والسؤدد

والله اسمع ما بقيت بهالك * إلا بكيت على النبي محمد

حسان ابن ثابت

:
وخارت اليدان و تشخصت العينان و اسلم الروح الى باريئها ..
مودعا الدنيا مقبلا على الاخرة ..
ملبيا نداء الحب و الشوق .
:
:

اللهم صلي و سلم وبارك على سيدنا محمد و على اله و صحبه وسلم


sara
fri. 14.3.08

هناك 4 تعليقات:

Qanoonya~6moo7a يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أتشرف بأني أكون أول وحده ترد
:)
إختي الحبيبة ساره..

مقالة رائعة إندمجت في قراءتها
أسأل الله أن يكون ما خطه قلمك ثقيلا في موازين حسناتج إن شاء الله

و..

اللهم صلي على رسولنا و حبيبنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين...
و أن يجمعنا الله أجمعين مع الرسول صلى الله عليه وسلم
آه..كم أشتاق لرؤيته..
بجنة عرضها السموات و الأرض على منابر من نور


دمتي بود أخيتي
:)

الزرقاء و ندى الجنة يقول...

و نحن في ذكرى ميلاد الرسول الكريم . اما آن الأوان ان نلبي نداء بلال و نقيم الصلاة .. لنرتاح من هموم الدنيا و ما فيها..
اللهم صل على محمد و على آله و اصحابه الكرام!
اللهم اجمعنا ببلال و حبيبه و حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم..
وا شوقاه لرسول الله ..

بصمة منـــارية (: يقول...

الغالية منال ..

زيارة تشرفني .. و جزاك الله خيرا

واسال الله عز وجل لك زيادة في الايمان و ارتفاع في رصيد الطاعة و العبادة

ونسأل الله عز وجل ان يجمعنا بالحبيب و كما أحب ان اسميه الحب الكبير في الجنة فقد حرمنا من اللقاء به في الدنيا و الرجاء بفضل الله عز وجل ومنته علينا وكرمه ان يرزقنا الاجتماع به في الاخرة ..

جزاك الله خيرا .. (:

sara

_______________________________

الزرقاء و ندى الجنة ..

سعيدة بتواجدكما و تناثر العبير المناري و الجيل القيادي الاول ((:

ان مظاهر التعبير عن حب الحبيب صلى الله عليه وسلم تتجلى بأور عده .. اعلاها مرتبة و ارقاها هو تعبير الصحابة رضوان الله عليهم لهذا الحب ..
لا اعتقد ان حبا في الدنيا يضاهي حبهم للحبيب صلوات ربي و سلامه عليه..

و كما قلتي .. تلبية بلال رضي الله عنه لنداء الحب النبوي يحثنا ان نعيد التلبيةمن جديد وبقلوب صادقة والهة ومتلهفة للقاء ..(:

جزيتم خيرا ..

Qanoonya~6moo7a يقول...

آمين آمين يا إختي
و لج مثل الدعاء الطيب
:)
بارك الله فيج إختي الحبيبة
أسأل الله لكِ التوفيق
:)