مضى اللذين شغاف القلب يعشقهم .. من الاحبة من حولي فوا لهفي

في مراحل حياتنا المختلفة يمر علينا أشخاص نعيش معهم أيام أو أشهر أو سنوات .. و بعدها نفترق لسبب أو لغير سبب ..لعارض سواء كان جميل و سعيد أو غير ذلك .. و لكن في النهاية نفترق و تبعدنا مشاغل الدنيا أحيانا و ظروف الزمان وصروفه احيانا اخرى .. و لا يبقى لنا سوى طيف عابر يوزرنا و ذكرى نحملها في قلوبنا و بصمات تركوها في حياتنا ..

و تتفاوت لهثتنا وشوقنا اليهم بتفاوت البصمات التي تركوها في حياتنا و جميل طيوفهم او قبحها عندما يمر علينا و في مخيلتنا ..

:
:

فمن الاشخاص من تمر بنا ذكراهم كالماء الزلال و كالنهر العذب الرقراق .. فبصماتهم جميلة و اثارهم التي تركوها في قصة حياتنا رائعة و حميدة .. نذكرهم فنذكر الله عز وجل .. نذكرهم فنذكر الجنة و نتسلى بأصواتهم التي تذكرنا اننا مهما ابتعدنا أو افترقنا الا أن روعة الاخوة و الحب في الله و لله ستجمع قلوبنا وارواحنا و بعدها أجسادنا في الجنة بان الله .. فيجدد فينا النشاط و تعلو فينا الهمم ونتذكر ميثاق الغربة و الغرباء الذي عقدنا لواءه و اصررنا على الالتفاف حوله حتى نصل الى منابر النور تحت ظل العرش و هنا يكون اللقاء الابدي حيث لا فراق و لا افتراق (:

:

نتذكرهم فنتذكر مجالس القران و حلق الذكر التي كانت تجمعنا و الملائكة تحفنا و السكينة التي كانت تتنزل على قلوبنا و الحب الذي كان يؤلف قلوبنا و عليه ائتلافنا و بالجنة مطلبنا و سعينا .. لم نعرف منهم و نتعلم سوى الكلمة الطيبة و السلوك القويم السوي و مصاحبة القران و الذكر و التطلع لكل عال و التجرد من كل دنيء ..

:

:

بصماتهم دافئة و كلماتهم عذبة .. و طيوفهم صادقة .. نتذكرهم فنتذكر الخير و بشاشة المحيا و صدق اللسان و روعة الجنان .. نتذكر أفضالهم و نشتم بين ذكراهم رائحة المسك و عبير الورد ومن كلماتهم نتذوق حلاوة الشهد ..
:

:

بينما هناك اخرون .. نتذكرهم فتظلم حياتنا و تتكدر انفسنا و تتبعثر كلماتنا و نحاول نسيان ماضيهم و طي صفحاتهم التي لا نتمنى أن ترجع أبدا .. ونود لو استطعنا أن نزيل صفحتهم السوداء من كتاب حياتنا .. طيفهم يفزعنا و صوتهم العالي يسبب لنا الهم و الضيق كلما مر بنا ..
انهم تركوا بصمات سوداء في حياتنا .. بل و مزقوا صفحة حب رسمناها لهم و اهديناهم اياها لكن كان المقابل أليم و النهاية كانت تعيسه !!
نتذكرهم فنتذكر الدنيا و الكبر و الغرور الذي يصاحبهم و نتذكر كل معنى متصل باللهو و العبث الدنيوي الزائل ..نتذكرهم فنتذكر مزامير الشيطان و التفريط في الصلوات و اضاعة الأذكار و هجر القران !! مع خيالهم العابر الحزين نتذكر الكبر بصوره و سلاطة اللسان و الحقد و البعضاء..

:

نسمع اصواتهم النشاز تتردد على مسامعنا و تحرضنا على الغيبة و ضحكاتهم التي تعربد بعد ازدراء وضع فلانه و ما تلبس علانه

اهتمام دنيء و تسابق و لهثة للدنيا .. و تعب نفسي يتجدد بتجددنا لقاءنا معهم .. الان افترقنا و تقطعت جميع الاواصر

فالعلاقة انتهت بانتهاء المصلحة الدنيوية الزائلة ومضى كل منا في حال سبيله .. هكذا هم و هذه هي ذكراهم و هذا هو حد علاقتنا معهم

الدنيا و ان انتهت انتهينا و دفنا وسط زحمة الحياة و تلاطم امواج الذكريات !

أنهم باختصار ظلام و صفحتهم صفحة سوداء غابت فيها شموع الأمل و الايمان..
:

:

لذلك .. كن ممن يترك في الاشخاص ذكرى طيبة و من تشتاق القلوب و تلهف للقياه بحسن خلقه و روعه منطقه و صدق لسانه
و نظافة جنانه .. و تعدي خيره و أفضاله ..
:

:

الكلمة الطيبة الصادقة لا تكلف شيئا لكنها تترك الكثير ..
الابتسامة الحنونه ليست صعبة لكنها تعني الكثير ..
السعي لقضاء حوائج الاخرين يرفعك الله به اعلى عليين ..
تفقد الاخرين و الاهتمام بمشاعرهم يجعل القلوب تقبل بدون وعي لتلتف حول قلبك ..وتبحث عنك عند غيابك

:
:

قال أحد الصالحين (( انكم لن تسعوا الناس بأموالكم .. فليسعهم منكم حسن الخلق و بسط الوجه ))
أحسن الى الناس تستعبد قلوبهم .. فطالما أستعبد الانسان احسان

:
:

ليست القلوب و الافئدة الانسانية البشرية تحب صاحب الايمان البصمة و الاثر الطيب بل حتى الأرض و السماء لتبكي حبا و اشتياقا و اسفا على فراق طيب الاثر حسن السمعة طاهر القلب..

|

|

روى ابن جرير في تفسيره عن بن عباس رضي الله عنه في هذه الآية (( فما بكت عليهم السماء و الارض وما كانوا منظرين ))
أن رجلاً قال له: يا أبا العباس رأيت قول الله تعالى : "فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين" فهل تبكي السماء والأرض على أحد ؟
:
فقال رضي الله عنه : نعم إنه ليس أحدٌ من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه ومنه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد به عمله وينزل منه رزقه فقد بكى عليه وإذا فقده مصلاه في الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله عز وجل فيها بكت عليه ..
:
قال ابن عباس :أن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحاً ،، فقلت له: أتبكي الأرض ؟ ،، قال: أتعجب وما للأرض لا تبكي
على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها كدوي النحل ..
:
وحين تعمر مكانك وغرفتك بصلاة وذكر وتلاوة كتاب الله عز وجل ،، فهي ستبكي عليك يوم تفارقها قريباً أو بعيدا
سيفقدك بيتك وغرفتك التي كنت تأوي إليها سنين عددا ..ستفقدك عاجلاً أو آجلاً فهل تراها ستبكي عليك السماء والأرض ؟

:
:

بابا جابر و بابا سعد..

بابا جابر و بابا سعد رحمهم الله عز وجل و أسكنهم عالي الجنات .. و عفى عنهم و غفر لهم ونور قبورهم
ممن ترك في شعبه بصمة جميلة بسماحة اخلاقهم و حنان قلوبهم و صدق مواقفهم .. بكتهم القلوب قبل المقل
و حنت اليهم الافئدة .. و دعت و لا تزال تدعوا لهم الالسن..
:

:

كلما مرت أطيافهم على مخيلتنا شعرنا بلهفة وشوق لأيانهم الخوالي و لم تستطع ألسنتنا الا الترحم عليهم و
ذكرهم بالذكر الحسن و الذكر للانسان عمر ثاني كما قيل ..

:
:

اللهم أجعلنا ممن يترك في الناس ذكرى طيبة و ممن تشهد لهم الارضو تبكي عليهم ..